الاثنين، 3 يناير 2011

القصاصة 7

بسم الله

السلام عليكم مرة أخرى  ...

    هذه القصاصة ستكون عن حدث جرى في النصف الأول من اول ساعة في العام الميلادي الجديد ... وبالتحديد في مصر المحروسة .
يمكن الكثير منا تابع الحدث المأساوي وهو تفجير كنيسة في الأسكندرية ليلة رأس السنة وكان هناك مصلون في داخلها ومارة وسيارات خارجها ... وطبعاً كان هناك ضحايا من القتلى والجرحى الذين اختلطت دماؤهم فلم يعرف المسيحي من المسلم ...

الذي جعلني أخصص هذه القصاصة لهذا الموضوع ليس فقط للاستنكار ورفض ما يقوم به أعداء الحياة والإنسانية ضد البشر وحياتهم ؛ إنما أيضاً لمناقشة كيف تعاملت الوسائل الإعلامية مع هذا الحدث وسأعطيكم نموذجاً واحدً من هذه الوسائل :

لقد تابعتُ الخبر من موقع بي بي سي الاليكتروني ليس لمصداقيته الزائدة ولكن لأني من مفضلي هذه القناة منذ سنوات ... وقد تابعت مقاطع التقارير الموجودة على الموقع ولاحظت شيئين :
- التقرير لم  يورد إلا صور جنائز الأقباط الخارجة من الكنائس علماً أن ثلث القتلى البالغ عددهم 21 هم من المسلمين الذين كانوا يتنزهون خارج بيوتهم  في تلك الليلة الحزينة !!!!
- االتعليقات على صور الحدث كانت مستفزة للمشاعر ... فيورد صور لأشخاص لا تستطيع أن تتبين أنهم من الأقباط أومن المسلمين لكنهم أناس مصريون عاديون جمعهم الجرح والألم وهموم الوطن في تلك اللحظة المشؤومة . لكن تجده يعلق أن الواقف أمام الكنيسة هو قبطي لمجرد وقوفه أمامها وحزنه عليها ...مع أنه قد يكون مسلم أو بوذي أو حتى ملحد لكنه أولاً إنسان وثانياً مصري يحب وطنه المستهدف من الداخل والخارج آلمته هذه الصورة المفجعة للشظايا والأجساد المتناثرة ...

طبعاً هذا غيض من فيض ... وعليكم الحساب في التعامل المزدوج للإعلام مع الأحداث اليومية والذي يقف فيها دائماً مع الظالم ضد المظلوم وهذا المظلوم هو أنا وأنت وأنتِ وهي وهو وهم  ...وكلنا ... 
نعم ازدواجية بغيضة في التعامل مع القضايا ... لأنه لو كان التفجير في مسجد لم يتم التعامل بهذه الطريقة ولو كان التفجير في حسينية كان التعامل ظالم أكثر ولو كان هذا التفجير في مرقد لأحد الأئمة العظام الذين أثروا وما زالوا يؤثرون في حياتنا كان التعامل سيتم بظلامية اشد ... لأنه سيتم التغاضي عنه وتجاهله !!!!!!!

هذه الموازين التي تؤجج للنعرات الطائفية والدينية والمذهبية والتي لا يستفيد منها إلا الشيطان وأعوانه في كل مكان لا تؤسس إلا لشيء واحد ؛ وهو الكراهية والشحناء وكراهية الآخر أياً كان هذا الآخر - حتى لو كان أخي من لحمي ودمي - والدفع أكثر نحو الإعلاء من الفردية الأنانية التي شعارها ( أنا ومن بعدي الطوفان ) ... هذه الأنا التي أخرجت إبليس اللعين من الجنة وجعلته يتكبر على الخالق والمخلوق : ((   قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) ) سورة ص 

ولكن يأبى الله إلا أن تنتشر ثقافة الحب والتسامح والسلام والعيش المشترك : ((  إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) ) سورة الأنبياء 

وصدق أمير البلاغة وفارسها أمير المؤمنين عليه السلام ؛ حيث حدد في عهده الذي أرسله مع مالك الأشتر حين ولاه على مصر ،حدد مسارين للعيش الهانئ المشترك بين البشر أجمعين : ((  يا مالك إن الناس صنفان: (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) ... ولا عجب فهذا الكلام لا يصد غلا من مصدر له ارتباط قوي بالسماء فمتى نعي هذه المبادئ الإلهية الإنسانية التي أرادها الله أن يحققها الإنسان على الأرض ليثبت مفهوم الخلافة الإلهية ...
(( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) ) سورة الأحزاب

وشكراً