السبت، 2 أكتوبر 2010

القصاصة 5

بسم الله

الجزء الثاني

وقد أختار الله تعالى فاطمة الزهراء واجتباها واختار لها المركز المهم في آية المشكاة من سورة النور المباركة : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ...فهي الزجاجة النقية المنقاة التي تحنو بنورها الدري وبأضلعها المقدسة على المصباح فتزيده ألقاً ونوراً ( لأن الضوء في الزجاج أظهر وأبين منه في كل شيء عندما يكون نقياً لامتلاكه قرينة انكسار ( النسبة بين سرعة الضوء في الخلاء إلى سرعة الضوء في الزجاج) مناسبة يجعل الضوء النافذ منه يسير منكسراً في جميع الاتجاهات ) (1) .
ويالها من مفارقة عجيبة !  فكلما زادت الزجاجة دقة ورقة وشفافية ...كانت سهولة كسرها أوفر وأشد . وهكذا كان للأسف الشديد . وامتدت يد الإثم والعدوان لتكسر زجاجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتهشم قارورة عطره الإلهية وهو أول من شبه نساء أمته بالقوارير : ( رفقاً بالقوارير ) لينبه أمته إلى عظم شأن سيدة نساء العالمين .
   (وهنا تكمن أهمية الزجاجة . إذ لا يمكن الوصول إلى نزع المصباح من موضعه إلا بتحطيم الزجاجة . ومعلوم أن تحطيم الزجاجة عمل مثير للانتباه أكثر من أي شيء آخر . إن صوت تكسر الزجاج هو أكثر الأصوات احتكاكاً بشغاف القلب وأكثرها مجلبة للانتباه ) (2)
    ولهذه الخاصية التي تفردت بها سيدتنا الزهراء على نساء العالمين وهي الزجاجة في سورة النساء ،وتوسطها بين المشكاة والمصباح ...فقد درس خفافيش الظلام هذا الأمر جيداً وقلبوه بين أنفسهم وهدتهم شياطينهم – أو بمعنى أصح أضلتهم – إلى أن ( خلع المصباح من موضعه لا يتم مطلقاً من غير إزالة للزجاجة .... فأول المصابيح لم يتم الإعلان عن خلعه إلا بعد إزالة الزجاجة ) (3)

   وبذلك تعاونوا على الإثم والعدوان ليهشموا أضلع الزهراء ... ويدوي صوت هذا الكسر وهذا التهشيم المتعمد في السماوات والأرضين ... ويملأ الخافقين ...ليكتشف الظلاميون خطأ حساباتهم الشيطانية وأن : ( الله متم نوره ولوكره الكافرون )

  فالسلام عليك يا مولاتي الزهراء ... أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة ...لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها ...والسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية ...وجعلنا خُداما لظلك الشريف ...ومفتدين تراب قدميك الطاهر .

   وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

المصادر : 1- مقال " تأملات في آية المشكاة
الأستاذ حسن يوسف شهاب الدين - أستاذ فيزياء ـ سوريا ـ دمشق


2 – كتاب ( أصل الخلق وأمر السجود ) عالم سبيط النيلي ص 135
3- نفس الكتاب ص 136
*****************

وشكراً

ليست هناك تعليقات: